طبيعة الحركة الاجتماعيّة

17-08-2023

طبيعة الحركة الاجتماعيّة

التاريخ: 10/2/1432هـ

بسم الله الرحمن الرحيم قال عز من قائل: )أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْراهيمَ وَ أَصْحابِ مَدْيَنَ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ يُطيعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدينَ فيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً في‏ جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ ([1] صدق الله العلي العظيم.

في إطلالة موجزة لهذه الآيات الشريفة التي تعطي إضاءة مجملة عن طبيعة حركة الأمم و الشعوب و المجتمعات الانسانية، كم هي تلك الأمم و الشعوب التي سلكت الطريق الخطأ قوم نوح و عاد و ثمود و قوم إبراهيم و أصحاب مدين منهم من تعلمونهم و منهم من لا تعلمون أتتهم الرسل و البينات و الدلائل و البراهين و لكن حادوا عن سبيل الحق و تجاوزوا طريق الفضيلة فانتهوا إلى ما انتهوا إليه من الضلال و ما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون. هذه الأمة التي نعيشها اليوم حالها حال الأمم في أنها تعيش نفس المنطق و نفس المعادلة و نفس الخيارات.

مقوّمات الهداية في المجتمع الإيماني

لقد وهب الله هذه الأمة كما وصفها في الآيات الشريفة )وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض( هذه الولاية تتمثل في أنهم يأمرون بعضهم بالمعروف و يتناهون عن المنكر )وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ( هذا واحد، )وَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاة( هذا اثنين ، )وَ يُطيعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ( هذا الثالث. إنّ الأُمّة التي تتصف بهذه العناصر الثلاثة التي هي مقوِّم للهداية و الصلاح و التوفيق فإنها تمثِّل لون من التآخي الديني و التعاطف و التماسك الداخلي في إقامة الحق و الفضيلة و في إزالة الباطل.

ما دامت هذه الأمة تتحلى بهذه الخصوصية مع خصوصية إقامة الصلاة و إتيان الزكاة كخصوصية ثانية و إطاعة الله و رسوله في انتخاب المنهج الصحيح و الطريق الصحيح و القانون الصحيح و الشريعة الصحيحة فهي إلى هداية. هنا يعدهم الله و قد وعدهم )وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدينَ فيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَة([2] إن هذا اللون من الفوز هو الفوز الحقيقي،و هو الفوز المبين و الواقعي و ما دونه من ألوان المتع و الغرور فإنما هو ضلال و تيه، هذا هو ما تتكلم عنه الآيات الشريفات الثلاث من سورة التوبة في خطوط عريضة.

أهم معايير الهداية و موقعنا منها

نحن نريد أن نبحث عن المعايير التي تكشف لنا واقعنا إذ أنّ البعض قد يحسن الظن بما نعيشه من حالة إيمانية ظاهرة إذ أنّ الجميع و لله الحمد يلتزمون بآداب الدين من حيث الستر و العفاف و الإنقياد لأحكام الدين و قواعد الإسلام و شريعة الدين، و لكن قد تُثار حالة من المخاوف و القلق إذا جعلنا المعايير التي نريد أن نقيس عليها أنفسنا هي معايير انسانية حاكمة على كل الميادين و على كل الأمور لنلاحظ موقعنا في صفوف الأمم، في تفككنا و في انفعالنا في ضمن هذا التجاذب و التدافع البشري العنيف، أين نقع؟ ، ما هو إعرابنا في هذه الأحداث؟ ما هو تأثيرنا في ما يجري حولنا من أمور، ما هو فعلنا في هذه الأمور، كيف نساهم في بناء الصورة العامّة الانسانية؟ ما هو دورنا فعلاً ، ما هو واجبنا و وظيفتنا أمام هذا الواقع؟ لعل البحث في تفاصيل هذه الأمور يطول و يتشعّب و لكننا في هذا الإجتماع البسيط نريد أن نبرز فقط معيار أو معيارين –إذا أمكن - للنقاش في أنه على أساس هذه المعايير أين نحن؟ أين نقع و ما هي مرتبتنا في ضمن تسلسل الأمم بناءً على هذه المعايير؟ لعله نقترح أن يكون المعيار الأول هو الحركة المالية.

المعيار الأول: الحركة المالية و الإنتاج الاقتصادي

إن قوة الأمم و متانتها و تماسكها و فعلها و انفعالها اليوم واضح أنه يتأثر تأثراً كبيراً في قدرة هذه الأمة القدرة المالية، القدرة على الإنتاج و الإستغناء القدرة على الإفاضة على الآخرين، و بمقدار ما تكون الأمة في حالة حاجة و في حالة عوز و فقر ، مهما انطوت عليه الأمة من أخلاق و ثقافة و أدب و شريعة، ما لم تسند هذه الآداب و هذه الأخلاق و الثقافة و الشريعة بقوّة استقلالية و مُكنة عملية و إنتاج مادي فإن كل هذه الآداب و الأخلاق و الشرائع و النظم و كل هذه المؤسسات الفكرية و الثقافية سوف تضيع في مهب ريح التدافعات البشرية.

إطلالة على واقعنا الاقتصادي

نحن كأمة و كمجتمع و كطائفة ، لو أردنا أن نحسب في هذه الفترة الزمنيّة المتصرّمة أي الـمائة سنة أو الخمسين سنة الماضية، ماذا أنتجنا فيها؟ ماذا قدّمنا للأمة على مستوى الإنتاج المالي؟ كيف ندير حركتنا المالية؟ كم نعيش حالة الخضم و الضعف و الخواء الداخلي؟ لعله يمكننا أن نراجع لغة الأرقام، و هي لغة واضحة و حادة و بيّنة و لكننا في واقعنا لا نحتاج حتى لهذه اللغة،لأن أمورنا واضحة و مكشوفة على ما نعيشه من خفاء في البُعد الرقمي، نحن نفتقر إلى الكثير من الجهات التي تدعم وجهات النظر بشكل واضح و لكن مع ذلك لو تجاوزنا لغة الأرقام ، نحن لا نحتاج إلى كثير مئونة لكي نكشف واقع كثير من مناهجنا التجارية لأنها في الحقيقة ليست إلا تدويراً فارغاً للمال ، لعله – لا أريد أن أجرح مشاعر أحد و لكن هذا واقعنا- كل الذين يشتغلون في البورصة مثلاً ، كل الذين يشتغلون في العقار مثلاً أو في كثير من ألوان التجارات و الإستيراد و التصدير لا يخرج عن هذا اللون من العمل الفارغ الجاف الذي لا يقدّم للأمة. إنّ ما يقدّم للأمة هو الزراعة، هو التجارة العملية في تقريب البعيد كما يعبّر أمير المؤمنين % في رسالته لمالك الأشتر. هناك بعض الأنشطة التجارية التي تقدّم خدمة للأمة، و التي تعطي الأمة قوة و مُكنة و استغناء، أين الصناعات؟! لاحظوا لو أردنا أن نحدد نسبة الذين يشتغلون في الدوائر الحكومية، و في أرامكو كدائرة مستقلة لعله –أنا لا أمتلك فعلاً أرقام دقيقة و واضحة ، و لكنني لا أبالغ إذا قلت – 50% إلى 60% من طاقة العمل و العمّال في هذه الأمة تعمل في هذه الدوائر التي هي في الحقيقة ليست إلا بطالة مُبطّنة. هذه الكوادر العُمّالية و هذه الطاقات المتجمّعة!، من الواضح جداً و لعله لا يتردد أحد في ما لو قلت له ما رأيك لو تعمل في دائرة حكومية؟ فإنه يعتبر هذا الخيار هو خيار ممتاز و فيه مقدار كبير من الرفاه لأنه يعلم أنه سيتقاضى مالاً من غير أن يكون مسئول عن تقديم كثير من العمل، بل بمجرد أن يحضر –مثلاً- و قد شاهدت كما لعله شاهدتم بعض موظفي هذه الدوائر لا يحضرون إلا للتوقيع أوّل الدّوام و الحضور عند الإنصراف لأنه فعلاً لا يوجد هناك عملية جادة بحيث تؤثر نقصانيّة العمّال على حركة العمل. هذا اللون من التكتُّل البطَّال في ضمن هذه المؤسسات يحكي عن عدم وجود موارد تحتاج إلى طاقات.  في حين أنّ الأمم و الشعوب تعمل كل سنة على إيجاد فرص عمل للطاقات التي سوف تنزل إلى ميدان العمل في السنوات القادمة لكي لا تتبدَّد هذه الطاقات من غير أن يكون لها واقع إنتاج و واقع فعاليّة.

بالإضافة إلى كثير من ألوان التجويف في واقعنا المالي ، حيث تسمع من بعض المصادر أرقام مهولة، هل تعلمون أن الأجانب الذين يعيشون في السعودية يصدِّرون سنوياً إلى الخارج قرابة 16مليار دولار ، يخرجونها من الوطن إلى الخارج، هذه العملية تحكي عن أن الوطن كمجموعة و كتلة عامة تضخ هذه الأموال إلى الخارج في مقابل خدمات يقدمها لهم الأجانب!، لاحظوا هذه الأمة التي تحتاج إلى أن تشتري هذه الخدمات بـ16مليار دولار ، بالإضافة إلى ما تشتريه من أسباب الرفه و العيش، يقال أن الأمة الأكثر استهلاكاً للتتن و أدوات التجميل و أسباب الصحة و المواد الصحية هي هذه المجتمعات الخليجية. هذا يحكي عن حالة إفراط في الداخل من القدرة المالية ، مقابل ماذا ندفع هذه المليارات؟ ماذا نستورد؟ هل نستورد مؤسسات نبني عليها مقوّم لواقعنا الفعلي و مستقبل أجيالنا القادمة و أبناءنا في واقعهم الإقتصادي؟!

أنا لست متخصصاً في هذا المجال و لكن الأرقام و المعلومات العامة تكفي لإثارة حالة من الدهشة و الخوف و الرعب على حركة هذه المجتمعات التي تعيش هذا المقدار من البذخ، لقد وجدت في هذا العالم تفاوتاً حاداً بين ما تعيشه هذه الأمّة و غيرها من  الأمم العاملة، بغض النظر عن الحكومات و المؤسسات العامة، أنا أتكلم عنا نحن كأفراد و كجماعة مؤمنة، أتكلم عن مشاعرنا و أفعالنا ، لا أتكلم عن المؤسسات الرسمية و الجهات العامّة. نحن بأي مقدار  نعيش هذا الهمّ؟ بأي مقدار نعيش هذا الواقع و بأي مقدار ندرك هذا الواقع الذي يثير في النفس الكثير من الخلل و الخوف و الإضطراب؟!.

المعيار الثاني: موقع المرأة في جسم الأمّة

المعيار الثاني الذي أريد أن أجعله بين أيديكم للإشارة إلى ما قد يشوب أمتنا من واقع و أنه بناءً على هذا الواقع نصنف أننا في عالم المؤمنين الذين وعدهم الله بجنات تجري من تحتها الأنهار أو أننا حالنا كبقية الأمم التي من قبلنا قوم نوح و عاد و ثمود. يمكننا أن نذكر كمعيار لمدى قوّة هذا المجتمع و تماسكه و صحة حياته هو موقع المرأة في هذا المجتمع ، المرأة باعتبارها هي الجهة الرقيقة في بناء جسم الأمة، هي المحل الأضعف في تركيب الأمة ، فإن mالمرأة ريحانة و ليست بقهرمانةn[3] ، أول إصابة تصاب بها الأمة عندما تصاب بحالة من الخلل تبرز في حيثية تركيبة المرأة فيها.  إنّ المرأة كالرجل في الوضع العامّ، و هناك قاعدة عامة تقال في الفقه أن الأصالة الإشتراك يعني أنّ كل حكم يصدق على الرجل ابتداءً فإنه يصدق على المرأة إلا إذا كان هناك استثناء؛ مثل: وجوب الصلاة، وجوب الصوم، بل عندما يقال في الفقه أنه يجب على الرجل كذا معنى ذلك أنه يجب على الرجل و المرأة ما لم يوجد دليل على التخصيص كما في بعض الموارد الإستثنائية، بل إن المرأة هي التي تضفي على المجتمع لون من ألوان الرقة و النعومة ، تضفي ذلك على المجتمع لا على الأسرة و لا على خصوص الرجل، بل على كل المجتمع ، و ذلك عندما تنضج فيه المرأة و تأخذ دورها الطبيعي فإنه يصبح مجتمعاً متكاملاً معتدل المزاج و متى ما اختل دور المرأة في المجتمع فإن التوازن الإجتماعي ككل يصاب بإرباكات في جميع المناهج و في كثير من مناحيه. لعله من المستغرب و المُفاجئ و المدهش أن نسمع و في الدوائر الفقهيّة تساؤلات عن جواز قيادة المرأة للسيارة!، من أين هذا التساؤل و على أي أساس يُطرَح؟ هل يجوز للمرأة أن تمشي في الشارع؟!، هذه لا نرجع فيها للفقه و للفقهاء و لا دخل للفقاهة فيها ، هذا أمر من ضروريات الدين. نحن كمسلمين نعتقد أن المرأة حالها حال الرجل ، نعم قد يكون هناك في بعض البيئات و في بعض الملابسات و الحيثيات عناوين ثانوية تقتضي عدم الجواز كما أنه للرجل في بعض الحالات الثانوية أن يأكل الميتة أو أن يشرب الخمر ، هذه أمور ثانوية لا تعتبر معياراً عاماً في حركة الأمة. يُتساءل أنه هل يجوز للمرأة أن تتصدى للبيع و الشراء؟! هذا في أي دين و في أي قانون تُطرح هكذا مسائل؟ هذه المسائل من ضروريات الدين. إنّ المرأة كالرجل يجوز لها أن تقود الدابة و تقود السيارة و تتصدى للبيع و الشراء ، و الأموال التي في ملكها لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يتصرف فيها، حيث أنها مادامت رشيدة بالغة قادرة على التصرف في أموالها لا يجوز لأحد أن يتسلط على أموالها إلا هي. و هي في تمام الخيار في البيع و الشراء في ضمن مجموعة قواعد فقهية.

لا نريد أن نطلق العنان ، لأن هناك بعض التخصيصات و التقييدات كما طرق أسماعكم أنه لا يجوز للمرأة أن تتصدر في موارد معيّنة و لا يجوز لها أن تصوم إلا بإذن من زوجها ، أي أن هناك بعض الأحكام الشرعية تقيِّد المرأة في ضمن هذه الدائرة، إلا أنّ الأمور تأخذ عنوانها الأوّلي ما لم يأت بحاكم –وليس مجرد فقيه- و الحاكم هو الانسان العارف بطبيعة الملابسات و طبيعة الواقع و مقتضياته فيحكم بأنه في هذا المورد يجب تقييده و ذاك يجب إطلاقه. كما قد يُمنع استخدام بعض الآلات بعينها على الجميع كمنع استخدام الدّش في بعض الدوائر، و منع استخدام الموبايل مثلاً، هذه و إن كانت تصاغ صياغة فقهيّة في بعض الدوائر و لكن الأصل الأولي هو جواز الاستعمال ما لم يكن هناك حالة استثنائية تحتاج إلى استكشاف و دراسة ميدانية قبل أن تصل المسألة إلى يد الفقيه، الذي لا يبتّ فيها لأن هذه المسائل هي مبتنية أصلاً على أسس إجتماعية و بمعرفة الموقع الإجتماعي و لعله من الجميل ما طرحه الشهيد العظيم الشهيد الصدر عندما قال أن الإفتاء اليوم يحتاج إل دوائر علميّة بكل الميادين؛ أي أننا نحتاج إلى لجنة طبية تقدّم للفقيه المقدّمات التي على ضوئها يُفتي، و لجنة اقتصادية تقدّم للفقيه بعض المعطيات الخارجية التي على أساسها يكون الإفتاء...، لا أن تكون الإفتاءات ضمن قواعد كلية عامة بعيدة عن الواقع الإجتماعي، هذا على المستوى النظري. أما على مستوى الواقع الإجتماعي، فإنّ المرأة يُفترض أن تعيش حالة من الإستعداد و من الإطمئنان النفسي بأن ما عندها من طاقات و مُكنة قابلة لأن تتفجر و قابلة لأن يُستفاد منها و أن تُفعّل دون أن تكون هناك قيود و ضغوط اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان.

موقع المرأة في مجتمعنا

إن ما نعيشه في واقعنا هو حالة من الوأد لقدرات المرأة و هو حالة من القيود تملأ و تتجاوز مرحلة الفعل إلى مرحلة الواقع النفسي للمرأة. المرأة اليوم تعيش حالة من الخوف و الرعب الداخليين الذين تكرّسا في نفسها حتى أنها قد لا تشعر بوجود الخوف و هو في أعماقها لما توارثته في ضمن أجيال متمادية من حالة الكبت و هذا لا يعني دعوة إلى الإنفلات و عدم الضبط و إنما دعوة جادة إلى أن نفهم من الدين ماذا يريد من الانسان، يريد من الانسان الإنطلاق و أن يفجّر طاقاته و أن يفعّل كل ما عنده من خصائص ، و المرأة كالرجل تنطوي على قدرات ليست محدودة. المرأة قد تكون طاقة بشرية في ما لو هُيأت لها الأرضية ، تتفجر هذه الطاقة و تُفعِّلها في نفع نفسها و نفع دنياها و أخراها و نفع مجتمعها و أمّتها و أجيالها و الأجيال اللاحقة أيضاً.

على أساس هذا المعيار أين نقع في ضمن الدول؟ طبعاً نحن لا ندعو إلى أن يصبح حالنا كحال بقية المجتمعات التي تجعل من المرأة طاقة في أن تكون سلعة لأغراض تجارية أو سلعة لفتح باب الحركة المالية و إنما المرأة في أبعادها الرفيعة السامية لا في خصوص الحيثية المادية الجسمانية و إثارة المفاتن و ما شاكل ذلك. المرأة أبعد من ذلك ، و أقدر من ذلك و تنطوي على مكنة كبيرة. و حرمان المرأة من إنطلاق هذه القدرات و الإمكانات لن ينعكس فقط على شخص المرأة و إنما سوف يترتب عليه واقع المجتمع و بناء المجتمع بل انتقال المجتمع من التركيبة الإيمانية أعاذنا الله و إياكم إلى تركيبة أخرى و الحمد لله ربّ العالمين.

 


[1]  التوبة/ 70 – 72.

[2]  التوبة/ 72.

[3]  عوالي اللآلي، ج3، ص311، وصية الإمام علي لابنه الإمام الحسن عليه السلام.

صور اخري

الشيخ عبدالله النمر

التعليقات

لا توجد تعليقات

أضف تعليق علني